حسن الكومي يكتب : من الديوث الحقيقي ؟ الحجاب.. الخديعة والوجيعة (٣)

وقبل مناقشة الأدلة المزعومة عن غطاء الرأس يجب الإشارة هنا أن المرأة في مصر لم تستجب لـ الحجاب اقتناعا بأدلة بقدر ما كانت استجابتها لتتفادى عبارات الشتم والسب والقذف التي يعاقب عليها القانون، و التى أجادها شيوخ العنف على المنابر والإعلام كلٌ بطريقته، فقال كبيرهم أن (تبرج المرأة إلحاح منها في عرض نفسها على الرجل)!. (وإنك لما تشوف واحدة ملابسها كده تعرف إنها على "تشويرة"!) وهذا في فيديوهات منتشرة على النت. كما قال (أن المرأة يجب أن تكون متسترة حتى لا يشك الرجل في نسب أولاده منها)! وهذا ما نشرته صحيفة المصري اليوم في ١٨ يونيو ٢٠١٩ عن حديث تليفزيوني للشيخ لم أستطع الوصول إليه على النت. وأغلب الشيوخ وصفوا المرأة الكاشفة لشعرها من على المنابر وقنوات التشدد بالمتبرجة ومنهم من وصفها بالعاهرة ووصفوا رجالها من أب وأخ وزوج بالديوث! وهي الكلمة الأكثر استخداما في تعليقات عبيد الشيوخ. وإذا علمت أن معنى كلمة "الديوث" هو من يقدم نساءه للرجال لممارسة الجنس معهن بعلمه يتضح لك أنهم شيوخ تحريف الكلم عن مواضعه، كما يظهر لك درجة العنف في الدعوة والتي وصلت إلى حد البلطجة والإجرام في اتهام المرأة وأهلها بهذا الاتهام علنا لأنها لم تمتثل لرأيهم في وضع قماشة على رأسها. وفي المقابل وصفوا المرأة المحجبة بالشريفة والعفيفة، ووصفوا الحجاب بأنه رمز العفة والطهارة! وهو في الحقيقة لا علاقة له بالعفة أو الطهارة واذهب إلى صفحات الحوادث لترى جرائم الخيانة الزوجية، وقتل الزوج بمعاونة العشيق وغيرها. كل بطلاتها تبع رمز العفة والطهارة، وكذلك شبكات الدعارة التي سقطت تجد رمز العفة والطهارة على رؤوس أغلب نسائها! وكذلك البنت التي تعمل بالدعارة وأدلت بشهادتها في فيديو عن وفاة ابن الرئيس الإخواني محمد مرسي وقالت أنه كان معها قبل وفاته وأنه مدمن مخدرات، كانت تلبس العباءة والحجاب رمز العفة والطهارة! بصرف النظر عن صدقها أو كذبها بخصوص ابن مرسي. والعناتيل الذين سقطوا ثبت أن كل ضحاياهم محجبات ومنتقبات، وكذلك القبلات المسروقة في مدرجات الجامعة والمنتزهات......كل بطلاتها حريصات على التمسك برمز العفة والطهارة، الحجاب!، وأحيانا النقاب! كما يمكنك التجول على كورنيش النيل قبل المغرب لترى الأوضاع المخلة التي لم يمنعها رمز العفة والطهارة! ولكي نعرف من بالضبط دعاة الانحلال، ومن هو الديوث الحقيقي، نستعرض كل أقوال فقهاء الحجاب والنقاب ليعرفوا أن بضاعتهم ردت إليهم، ونذكّرهم بما كانت عليه دولة الخلافة منذ نشأتها وحتى الخلافة العثمانية بفعل فتاوى الفقهاء المعتبرين والتي لو نفذناها اليوم لتحول المجتمع إلى عري في الشوارع، ودعارة، وزنا محارم، وشذوذ مع البهائم وجثث الموتى! وكيف أنهم يريدون للمرأة أن يكون ظاهرها التشدد وباطنها الزنا والفجور! وإليك فتاوى الشيوخ الغيوريين. * المرأة لا يظهر منها إلا الوجه والكفان عند جمهور الفقهاء، ولا يظهر منها شيئ عند البعض الآخر ويرون أن ما دون ذلك سيؤدي إلى إثارة الشباب وفساد المجتمع ويفتح طريق الزنا! * في نفس الوقت يوجد نوع آخر من النساء عورتها عند إجماع الفقهاء مثل عورة الرجل من السرة إلى الركبة! بل أن بعضهم قال أن عورتها تقتصر على العورتين المغلظتين من الأمام والخلف أي الفرج والأرداف، وهذه المرأة هي الجارية أو الأمة أو المرأة المملوكة، وتوجد صور فوتوغرافية وصور أخرى أبدعها فنانون من أيام الخلافة العثمانية لجواري عاريات الصدر تماما، ومن شذ منهم عن الإجماع مثل ابن حزم أدخل الصدر ضمن العورة. ومعروف أن الجارية كان يمكن جلبها بأكثر من طريق،إما السبي في الحروب، أو الشراء من السوق ولم يعد موجودا الآن، أو امرأة باعت حريتها مقابل المال أو سدادا لدين بأن تقول لرجل "ملكتك نفسي" فتتحول من حرة إلى أمة لهذا الرجل، تمارس معه الجنس وتسير عارية كما يحلو لها، لا تثير الشباب ولا تؤدي إلى فساد المجتمع!. والعجيب أن التيار الديني المهووس بما يسمى دولة الخلافة وحكم الشرع والذي يزعجه ويستفز ذكورته أن تسير امرأة اليوم في الشارع بدون غطاء رأس أو تلبس ثوبا بنصف كم! لا يزعجه ولن يستفز ذكورته أن تسير امرأة عارية الصدر تماما إذا ما تحققت دولة الخلافة التي يطالب بها! ألا يعتبرون أن أي امرأة لا تعجبهم ملابسها اليوم هي مثل الأمة في دولة الخلافة التي يحلمون بإعادتها؟ ألا يعرفون أن هذه المرأة في دولة خلافتهم المنشودة لو قالت لرجل ما "ملكتك نفسي" تصبح ملك يمين حسب حكم الشرع الذي هو فوق القانون الوضعي في مفهومهم وفي مفهوم شيوخهم الذين أجمعوا على عورة الأمة؟! ومما يذكر أن الخديو اسماعيل عندما قرر أن يمنع تجارة الرقيق (التجارة فقط وليس تحرير العبيد) ثار عليه شيوخ الأزهر ثورة عارمة وأصدر شيخ الأزهر مع هيئة كبار العلماء فتوى تقول (الرق باق بقاء الجهاد إلى يوم الدين) فعرف الخديوي عندها أن الحوار معهم لن يجدي فعزل شيخ الأزهر الشيخ مصطفي العروسي وهي حالة العزل الوحيدة في تاريخ الأزهر، وهدد بإلغاء هيئة كبار العلماء فوافقوا مرغمين. ولولا تدخل الدول والحكومات والأمم المتحدة لإنهاء العبودية رغما عن الشيوخ لظلت الدول الإسلامية إلى يومنا هذا مليئة بالعبيد والجواري العاريات، وأسواق النخاسة! رغم أن القرآن حث على تحرير العبيد وجعله كفارة للذنوب. * الأغرب والأنكت أن الفقهاء الغيورين لم يتركوا المرأة المحجبة والمنتقبة في حالها بل انقلبت غيرتهم عليها فجأة إلى دياثة إذ أجازوا بالإجماع لهذه المرأة الغالية عندهم والجوهرة المصونة....... (نستكمل في المقال الرابع.. من الديوث الحقيقي) [caption id="attachment_46187" align="aligncenter" width="404"]الحجاب الحجاب[/caption]